zezo عضو V.I.P
عدد المساهمات : 300 نقاط العضو : 498 التقييم : 0
| موضوع: رحمة الله قريبة من المحسنين السبت سبتمبر 03, 2011 2:42 am | |
| قد يظن البعض أن بناء السدود والمصانع وشق القنوات والأنهار من أصعب الأشياء. لا.. بل أصعب شيء في الدنيا بناء إنسان من الداخل، أصعب شيء أن تنتج إنساناً ذا أخلاق يصبح نموذجاً يحتذى به في المجتمع. ليس أصعب شيء أن تتعلم الصلاة، وليس من الصعب أن تصوم، وليس صعباً أن تذهب إلى الحج. بل أصعب شيء أن تُصلح نفسك من الداخل وتزكيها. يقول عزّ وجلّ: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 9-10). حقاً، هذا هو الشيء الصعب. لذلك، نحن نحاول أن نصلح أنفسنا معاً من الداخل، ولا نكتب أو نقرأ لمجرد التسلية وتمضية الوقت. النبي (ص)، بدأ مع الصحابة من الجاهلية، وحاول بناء أمة صالحة في 23 سنة فقط، بعدها صارت هذه الأمة تقود الأرض كلها. أناس كانوا يعبدون الأصنام ويأكلون الميتة، حسّن من أخلاقهم وعباداتهم، رباهم وصاروا أمة تقيم الإسلام في الأرض كلها وتنتصر. ولنبدأ بُخلق أصبح للأسف غريباً في أرض بلادنا.. هذا الخلق قد ضاع تقريباً بين المسلمين، ونادراً ما تجد مسلماً ينفذه ويلتزم به، وأصبح الملتزمون بهذا الخلق قلة.. خلق أجاده الغرب ونجح فيه، وقد فشلنا نحن. إنه خلق الإحسان. أراك تقول: ولماذا الإحسان؟ أراك لم تعطِ الإحسان قدره الذي يستحقه. أتعرف متى تشعر بقيمة هذا الخلق؟ ستشعر بقيمته مع آخر هذا المقال إن شاء الله. - ما معنى الإحسان؟ إن الإحسان بكل بساطة هو الإتقان. أراك قد تعجبت وقلت: وهل الإتقان خُلق؟ نعم، إنه من صميم أخلاق الإسلام: إتقان الأعمال، إتقان المعاملة، إتقان الكلام، كل هذا من أخلاق الإسلام. يقول النبي (ص): "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". ألا تحب أن يحبك الله؟ فأتقن عملك. أحسن يحبك الله. اسمعك تقول: وما دليلك على ذلك؟ اقرأ الآيات بقلبك وتعايش معها يقول الله عزّ وجلّ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى...) (النحل/ 90). تخيّل أوائل الأوامر: عدل وإحسان وإيتاء ذي القربى. إن كنت قوي الملاحظة، فهل لاحظت كلمة "يأمر"؟ ويقول الله تبارك وتعالى: (... الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران/ 134). ويقول أيضاً: (... إِنَّ رَحْمةَ اللهِ قَريبٌ مِّنَ المُحْسِنينَ) (الأعراف/ 56). فكر في هذه الآية مرة أخرى. تخيّل رحمة الله قريبة من مَن؟ المحسنين.. ويقول تعالى: (وَاصبِرْ فَإِنَّ الله لا يُضِيعُ أَجْرَ المُحسِنينَ) (هود/ 115). ويقول تعالى (هَل جَزَاءُ الإحسَانِ إلّا الإحْسَانُ) (الرحمن/ 60). ويقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل/ 128). سبحان الله! المحسنون يشعرون بمعيّة الله. يا له من شعور عظيم يستحقه المحسنون. ويقول تعالى: ( لِّلَّذينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ...) (يونس/ 26). وما الزيادة؟ إن الزيادة هي رؤية الله تعالى في يوم القيامة. واستمع معي للنبي (ص) وهو يتكلم عن الإحسان. يقول النبي (ص): "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". ركز في الكلمات: إنك مأمور بالإحسان في كل شيء. ألم يقل النبي (ص): "إن الله كتب.."؟ وضع تحت عبارة كل شيء 60 خطاً. أنت مأمور بالإحسان في كل صغيرة وفي كل كبيرة.. أي شيء تتخيله أنت مطالب بالإحسان فيه. حقاً، لقد أوتي جوامع الكلم. فوالله هذه الكلمات القليلة تغني عن المقالات.. سبحان الله.. مثال لا يخطر على البال. يقول النبي (ص) في الحديث السابق: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة". ما الذي أتى بهذا المثال، ونحن نتكلم عن الإحسان؟ حينما أذبح دجاجة، حينما أذبح عجلاً، حتى في هذا أكون محسناً. والله إنه مثال لأصحاب العقول. فهل من المعقول لمن يحسن في الذبح ألا يحسن في الحياة؟ حقاً إنه مثال لا يخطر على البال. أرأيت كيف أن هذا الخلق ضائع الآن؟ ولذلك، فنحن مطالبون بإتقان هذا الخلق. فهناك مصطلح ألفناه اليوم اسمه "الفهلوة"، فماذا لو علمنا أن "الفهلوة" عكس الإحسان؟ فالإحسان دليل على حسن الخلق، و"الفهلوة" دليل على (....). - نية الإحسان لا تكفي: نستكمل الحديث معاً.. يقول رسول الله (ص): "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته". وكأن النبي يقول لك: إنه لا تكفي نية الإحسان فقط، بل خذ بأدوات (أسباب) الإحسان، فكيف تحسن الذبح؟ بأن تحدّ شفرتك وترح ذبيحتك. فعند المذاكرة، أنت تنوي الإحسان في المذاكرة. النية وحدها لا تكفي، بل اختر الوقت المناسب، اختر المكان المناسب، واختر الإضاءة المناسبة، خذ بالأسباب. ثم أقدم. في البداية.. لم تكن متخيلاً أنّ الإحسان من الأخلاق، وتعجبت حينما قلت لك: إنك لن تشعر بقيمة الإحسان إلا في آخر المقال، ولكن الآن الأمر قد اتضح شيئاً قليلاً. ولكن، هذا الوضوح شابه بعض الغموض. أتعرف لماذا أقول ذلك؟ لأنه لو قلت لك الآن: حاول تطبيق الإحسان في حياتك فستجد أنك ما زلت ثقيلاً. تذكر أنك لن تستطيع تأدية عبادة الله إلا بعونه.. (إياك نعبد وإياك نستعين). (الَّذي أحْسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ...) (السجدة/ 7). انظر كيف أحسن الله كل شيء، وتدبَّر في هذه الآية: يقول الله سبحانه وتعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه). لا نقص في خلق الله، لا أعوجاج، لا قصور. يقول الله تعالى في وصف السماء: (... فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) (الملك/ 3-4). إن الله جميل يحب الجمال. تبارك الله الخلاق العظيم، سبحان الذي أحسن كل شيء خلقه. تخيل معي لو كانت السماء لونين فقط، هما الأبيض والأسود.. أيقدر ربنا أم لا؟ (إنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ). ولكن، انظر إلى إحسان الله تبارك وتعالى، انظر إلى كم الألوان في السماء ودرجاتها، ألوان مريحة للأعصاب. أسمعك يلهج لسانك بالحمد والتسبيح والتهليل. فمن الآن تفنن في تأملك للسماء: والله إنها بديعة. أما آن لك أن تحسن كما أحسن الله إليك؟ (.. وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُم...) (التغابن/ 3). والآن، جاء الدور عليك.. يقول الله تبارك وتعالى: (لقَد خَلَقْنَا الإنسانَ في أَحسَنِ تَقْويمٍ) (التين/ 4). انظر إلى مكان العينين، مكان اللسان، مكان الأنف، وقل الحمدلله الذي أحسن خلقتنا. تخيّل لو كان مكانَ العينين أنفان، ومكانَ الأنف عين واحدة، وتخيل لو كانت الأذنان في وسط الشعر. يا رب.. لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. (وصوركم فأحسن صوركم) الحمد لله على هذا الخلق ذي "الإحسان"، فبدونه كيف كان شكلك؟ فليكن شعارنا: عليك أن تحسن في كل شيء في حياتك. وليكن شعارك: (... وَأَحْسِنِ كَمَا أحْسَنَ إلَيْكَ...) (القصص/ 77). ويقول الله عزّ وجلّ: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ...) (الزمر/ 23). والله إنه معنى عظيم، فإنه الذي نزل علينا أحسن ما نزل من الكتاب. أما نستحي من الله؟ فلقد أحسن خلق الكون، وأحسن خلقتك، وأحسن الكتاب المنزل عليك، ومع ذلك.. أنت لا تحسن؟ أيكون المسلم نموذجاً سيئاً للإسلام؟ لماذا؟ لأن أخلاقنا وطباعنا أصبحت بعيدة كل البعد عن الإسلام، وأول هذه الأخلاق، هو الإحسان. وتذكروا.. حينما أسلم رجل أجنبي، ثم خالط المسلمين، فقال كلمته المشهورة: "الحمدلله أني أسلمت قبل أن أرى المسلمين". بالله عليك.. ألم تؤلمك هذه المقولة؟ فهيا جدّد العهد، واجعل عزمك أكيداً على الإحسان. لقد أصبحتَ الآن منبراً متحركاً يمشي أمام الناس. فإياك أن تفضح الإسلام والمسلمين بسوء الأخلاق، فأنت الآن أصبحت مرآة للإسلام.. فتخلّق بخلق الإحسان. فإذا فعلت ذلك فسيرتفع شأن الإسلام والمسلمين. وتذكر: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". الإحسان في العبادة، والإحسان إلى الوالدين، وإلى البنات، وفي التحية وفي الجدال، وفي الكلام، وفي الزواج، وفي اختيار المسكن. واعلم: (... إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ...) (الرعد/ 11). فإذا كان الإحسان على هذه الدرجة من الأهمية، أفلا نغرسه في أبنائنا، ونتعلم أن نتّبعه في كل حياتنا؟
| |
|
admin مؤسس المنتدى
عدد المساهمات : 381 نقاط العضو : 414 التقييم : 0
| موضوع: رد: رحمة الله قريبة من المحسنين السبت سبتمبر 03, 2011 3:56 am | |
| مشكوووور على الطرح الحلو بالتوفيق لك ارجو المتابعه | |
|