مع دخول المعتصمين في ميدان التحرير يومهم الثالث عشر سادت حالة من الهدوء معظم شوارع العاصمة وعادت عمليات البيع والشراء إلي طبيعتها خاصة بعد ان فتحت البنوك ابوابها وتمكن معظم المواطنين من تقاضي رواتبهم.
المشهد الواضح في الطريق للوصول إلي ميدان التحرير مقر الاعتصام هو عدم اعتراض احد في الدخول أو الخروج لاسيما إجراءات التفتيش الصارمة التي يقوم بها مجموعات كبيرة من الشباب المنتشرين علي مداخل الميدان لمنع دخول الاسلحة أو رجال الشرطة أو اعضاء الحزب الوطني, في الوقت الذي اغلقت المنازل المحيطة بالميدان ابوابها بالاقفال والجنازير لمنع دخول احد إليها. وتوافد الآلاف من الاشخاص منذ الصباح الباكر من جميع المحافظات للمشاركة في المظاهرات واللافت انه لايمكن لاحد ان يتأكد او يجزم بان اي شاب أو جماعة تنتمي لحزب أو تيار معين حيث إنه لايرفع احد علي الاطلاق شعارا دينيا أو يدعو إلي حزب سياسي او تيار ديني علي الرغم من التنوع الفكري والطائفي والسياسي.
والتجمعات الوحيدة التي يستطيع العابر في الميدان التعرف عليها هي المجموعات التي تمثل نقابتي المحامين والمعلمين والازهريين الذين يتجمعون في مظاهرات صغيرة داخل المجتمع الكبير المحتج علي النظام إلا ان المشهد في النهاية يمكن وصفه بأن جميع اطياف الشعب بمختلف معتقداتهم واعمارهم مجتمعون علي مطالب محددة ولكن بدون قائد يجمعهم أو يمثلهم.
التقت الأهرام بعينة عشوائية من الشباب المتظاهرين للتعرف علي حقيقة مطالبهم ووجهة نظرهم في امكانية التفاوض بعد عودتهم لمنازلهم.
احد الشباب العاملين في مجال الدعوة وهو خريج كلية اللغات والترجمة جامعة الازهر قال إن من يدافعون عن النظام الحالي, إما يدافعون عن مصالحهم الشخصية التي يهددها زوال النظام أو الفقراء الذين يخشون الجوع الذي تسبب فيه فساد القائمين علي هذا النظام نفسه وان السياسات التي اتبعتها الدولة في العقود الثلاثة الأخيرة ادت إلي وجود حالة من الاحتقان والاحباط طالت المجتمع بجميع فئاته دون استثناء.
وقال إن هناك حربا من الشائعات المغرضة التي شوهت شباب الثورة الذين ضحوا بارواحهم وبأنفسهم لمواجهة النظام الذي عاني منه الشعب كثيرا وان تلك الشائعات هي الورقة الأخيرة التي لعب بها الحزب الوطني الذي استخدم جميع الوسائل لشق الصف وتفريق وحدة الشعب وان الايام المقبلة سوف تكشف عمن ضحوا لاجل الوطن ومن ضحي بالوطن لاجل مصلحته.
وعن موعد عودة المتظاهرين إلي منازلهم قال إن الشباب المشارك في المظاهرة لن يعودوا إلي بيوتهم إلا بعد رحيل الرئيس مبارك وتشكيل مجلس رئاسي مكون من خمس من الشخصيات العامة وفقهاء الدستور يكون مخول تغيير الدستور وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وتفعيل اسس الديمقراطية السلمية لان المتظاهرين اجمعو علي ان من افسد لايمكن ان نتوقع منه صلاحا.
وأن الشعب المصري أثبت في لحظة حساسة من تاريخه أنه لم يكن جثة هامدة وأن انتفاضته هذه فاجئت النظام الذي قاب قوسين أو أدني من الرحيل وأشار إلي أنه عكس ما تروج وسائل الإعلام المصرية فانهم يجدون صعوبة بالغة في التوصل إلي ما يتاح من مأكولات بسيطة يستطيعون من خلالها البقاء صامدين. أحد القيادات الشبابية قال إنه يريد أن يطمئن الناس الذين يخشون الفوضي بعد التغيير لأن الدستور الجديد سوف يضمن وجود اطار قانوني يمنع الخروج عنه وعن الشرعية ويضمن أن الرئيس القادم لن يكون استبداديا بحكم القانون وأن مؤسسات الدولة تم تعطيلها لعقود طويلة سوف تقوم بدورها الطبيعي سواء التشريعي أو القضائي أو التنفيذي.
مشهد آخر من وسط الميدان لاحدي الشابات كانت تمر بين المتظاهرين ممسكة كيسا بلاستيكيا به بعض المخبوزات البسيطة وكانت تقوم بتوزيعها علي من يرغب من المتظاهرين في الطعام, نظرا لعدم وجود طعام كاف.
وأوضح أحمد بلال مهندس أنه حضر من إحدي محافظات الوجه القبلي وأنه يشعر بالظلم, ويبدو ان الحكومة لا تعلم شيئا بالمواطنين, حيث يوجد بعض المواطنين لا يملكون الا قوت يومهم يوما بعد الآخر.
وأضاف أن صديق له لقي مصرعه واستشهد خلال تلك المظاهرات وأنه لن يترك هذا المكان إلا حين يشعر بأنه حقق الهدف الذي من أجله حضر الي هذا المكان. وطالب محمد علي82 عاما مدرس بضرورة الاهتمام بمطالب المتظاهرين وهي تخصيص05% من أملاك رجال الأعمال إلي خزانة الدولة لانشاء9 مشروعات للإسكان للفقراء والشباب, وكذلك تقديم كل من تسبب في استشهاد الضحايا, وتخريب البلاد إلي المحاكمة العاجلة والتحقيق مع رجال الأعمال المعروفين أمام جهاز الكسب غير المشروع.
مع مراجعة الذمة المالية لكل واحد منهم قبل دخوله الحزب الوطني, والبرلمان أو الوزارة, وكيف حقق تلك المليارات في سنوات قليلة
حقيقة دور الإخوان
إحدي المتظاهرات أكدت أنه لا يوجد دور سياسي للاخوان في وسط المظاهرات, فهم لا يرفعون شعارات دينية أو يدعون أحدا لأفكارهم إلا أنهم قاموا بعمل بطولي عندما واجهوا وتصدوا للبلطجية الذين اقتحموا بالخيول والجمال واعتدوا عليهم وأثاروا الذعر بينهم
الحوار مع الشباب
عبدالمنعم إمام أحد مسئولي حملة الدكتور محمد البرادعي أكد أيضا أن هناك محاولات لاحباط الثورة التي أشعل الشباب شرارتها والتف الشعب حولها, مشيرا إلي أن الدور السابق الذي قامت به القيادات السياسية لايمكن لأحد أن ينكره ولكن لايمكن لأحد مهما كان ان يستغل تلك الثورة أو يمتطيها وأن المشهد الحالي يؤكد أنه لم يتم تفويض أي حزب سياسي أو تيار معين للحديث باسم الشعب وأنه ينبغي ان يكون الحوار مباشرا مع الشباب الذين أعلنوا مطالبهم.
مشاهد من الميدان
> جهز المعتصمون أنفسهم بعدد كبير من الخيام البلاستيكية لحمايتهم من الأمطار التي تساقطت بغزارة في الساعة الثالثة عصرا.
> كتب المتظاهرون علي أرض الميدان بجوار المتحف المصري بالحجارة كلمة ارحل بالعربية والإنجليزية.